كلنا نعرف قصة مدبحة دنشواي العساكر اللي دخلوا قرية وصادوا حمام قاموا قتلوا واحد ست فالأهالي هاجوا .. فهرب العساكر ومات واحد منهم بضربة شمس وكان عطشان فزقاه فلاح فقام الإنجليز دخلوا فقتلوا الفلاح على أساس إنه القاتل واتشكلت محكمة وحصل الإعدام والجلد على مشهد من الناس كلها.لكن مش كتير يعرفوا إن مدبحة دنشواي دي .. حصلت واحدة زيها وقبلها بـ 20 سنة بالميللي مع اختلاف في التواريخ والكمية والبلد بس مخدتش نصيبها من الشهرة وهي مدبحة الكونيسة
في 28 مارس سنة 1887 وبعد احتلال بريطانيا لمصر بـ 5 سنين راح اتنين من ظباط الانجليز مع واحد من العربان كدليل ووصلوا لمنطقة الكونيسة في الجيزة عشان يصطاد حيوانات، الأهالي طبعا اضايقوا فهاجوا وحبوا ياخدوا سلاحهم فواحد من الظابطين دول ضرب طلقة قتلت واحد ودارت العركة وخلصت بإصابة 5 أشخاص، وجات الشرطة وهاجمت القرية وقبضت على 47 واحد وقرروا يحاكموهم
كانت لجنة محكمة حادثة الكونيسة بتتكون من مدير مديرية الجيزة وشفيق منصور بك ممثلاً للنيابة إلى جانب الميجور مكدونالد كممثل عن القنصلية الإنجليزية والمتهمين كانوا 47 شخص (45 مزارع و 2 من مشايخ البلد)انتهت المحكمة وطلعت أحكام متفاوتة حكمت بفصل شيخ بلد الكونيسة والبلدة اللي جنبها من منصبهم، وشيخ الكونيسة يتسجن 6 شهور ووشيخ البلد التاني يتجلد 25 جلدة قدام الأهالي، حكمت كمان على 4 من كبار السن بالحبس 8 أيام وغرامة تترواح بين 8 و 10 جنيهات، كمان حكمت بحبس وجلد باقي المتهمين الـ 41 شخصًا وتتراوح مرات الجلد بين 30 إلى 20 جلدة ومدة الحبس بين 3 شهور و3 أيام.للتاريخ هنستعين بعدد جريدة الأهرام يوم 13 إبريل سنة 1887 ونقول أبرز أسماء المزارعين فكانوا «ماهر رسلان ـ 30 جلدة وحبس 15 يوماً ـ، يعلي حسن حدوس ـ 20 جلدة فقط ـ ، علي سالم منتازي ـ 50 جلدة وحبس 3 أشهر، عبد الهادى محمد وإبراهيم محمد ـ 25 جلدة وحبس 3 أيام لكليهما».خد عندك حاجة تانية .. إن عقوبة الجلد تمت على الطريقة البريطانية وبشكل بربري فاللي قام بعملية جلد المصريين كانوا سجناء بريطانيين، أما أداة الجلد فكانت كرباج إنجليزي أبو 9 فروع جلد دون الاستعانة بالكرباج المصري المصنوع من شريط جلد فرس النهر ومقسم لشرايط رفيعة، وتم التنفيذ على مشهد من الفلاحين وبحضور قوة من فرسان جيش الاحتلال الإنجليزي.طب هي حكومة مصر فين ف الموضوع ؟التزمت مصر الخديوية الحياد لكن الموقف الأكثر استفزازًا كان من مصطفى باشا فهمي والد صفية زغلول أصدر بيان يوم 6 نوفمبر عام 1887 وقال فيه أنه أن بعض المسئولين مازالوا يلجأون إلى استخدام الكرباج الأمر الذي يتطلب اللوم والتوبيخ، وهو بيان مستنكرش الحادثة لن استنكر شكل العقاب.فيه هنا سؤال مهم ؟ .. دنشواي ولها 3 جلادين بطرس غالي رئيس المحكمة وفتحي زغلول العضو القضائي والهلباوي ممثل النيابة .. طب الكونيسة زيهم ؟أييييييييوة .. كان ممثل النيابة هو شفيق منصور يكن.شفيق منصور يكن من مواليد 1856 وعيلته ثرية جدًا .. سافر فرنسا واتعلم فيها ورجع لمصر قعد فيها فترة وبعدها سافر سويسرا سنة 1871 وقعد فيها 6 سنين اتعلم فيها الرياضيات.طب هو إيه اللي جاب القلعة جنب البعض ؟ يعني انت راجل ليك في جمع وطرح .. ماله هو ومال القانون ؟الإجابة هنلاقيها عند إلياس زاخورا في كتاب مرآة العصر في تاريخ ورسوم أكابر الرجال بمصر قال لما اتشكلت لجنة تحقيق حريق الإسكندرية بعد ثورة عرابي انتدبته الحكومة كوكيل نيابة ودا اللي خلاه يبقى قاضي في محكمة الاستئناف ورئيس لنيابتها.بعد محكمة الكونيسة استقال شفيق منصور من النيابة، متعرفش بقا عشان ضميره ولا عشان ضغوط عليه، وتفرغ للتأليف واكتفى بمنصب مستشار إداري في المحكمة، ونهايته كانت فيها .. جاله تعب في عينه فسافر أوروبا سنة 1890 عشان يتعالج وبعدها يروح الآستانة ويتزوج بنت البرنس عبدالحليم باشا .. لكن ف أوروبا جاله مرض ومحدش عرف يشخصه، وفضل ينازع لحد ما مات سنة 1890 وعنده 34 سنة.فيه سؤال ملح .. طب إيه سبب شهرة دنشواي عن حادثة الكونيسة.السؤال دا جاوب عنه الدكتور يونان لبيب رزق في الجزء الثاني من كتاب الأهرام ذاكرة مصر المعاصرة قال «السبب في تقديرنا أن حادثة دنشواى جرت في ظروف تاريخية جد مختلفة عن شقيقتها الأصغر (يقصد الكونيسة) من حيث الحجم والأكبر من حيث تاريخ شهادة الميلاد، ففضلاً عن الحركة الوطنية التي كانت قد بلغت أشدها خلال صيف عام 1906 فإن حادثة دنشواى كانت قد جرت في أعقاب أزمة شهيرة كانت قد تفجرت بين بريطانيا والدولة العثمانية حول مصر، وهى المعروفة بأزمة طابا، والتي شهدت لوناً مما ارتآه البريطانيون قلاقل داخلية، الأمر الذى دعاهم إلى تقوية وجودهم العسكرى في البلاد مما خلق جواً عاماً من التوتر والتربص، وهو جو تفجرت فيه الحادثة وصنع لها كل هذا الحجم».
