من عام 630 م كان على غير المسلمين سواءاً كانوا وثنيين أو أهل كتاب إنهم يدخلوا مكة، لحد ما نجح لودفيكو دي فارتيما بعد 873 سنة من فتح مكة ، في إنه يروح مش بس كرحالة وإنما كـ حاج ، وكانت زيارته للبلد الحرام هي فاتحة لشهية لأكتر من 100 رحالة مسيحي زاروا البلد الحرام كحجاج.
الفضول والغيرة هما اللي خلوا لودفيكو دي فارتيما يعمل الزيارة دي وهو من جواه عارف إنها زيارة هتكلفه حياته لو اتكشف أمره، لكنه جازف مجازفة بقيت الأشهر في حياته كلها.
فيه خلاف بين المؤرخين حوالين الأسبقية في زيارة المسيحيين لمكة، هل كان فارتيما أولهم، ولا جون كابوت لكن المؤكد والثابت أن كابوت موثقش لرحلته في كتاب زي لودفيكو دي فارتيما.
دخل لودفيكو دي فارتيما وسط قافلة الحج الشامية عن طريق رشوة القائد المملوكي لقافلة الحج المتجهة من دمشق إلى بلاد الحجاز، ومنحه القائد حصان وسمح له بإنه يلبس لباس المماليك المرافقين لرحلة الحج، تحت اسم يونس المصري، وكان خوجة ذي النور الفارسي أحد التجار الفرس المقيمين في مكة هو اللي سهل لهذا الرحالة التجول بأريحية داخل بلاد الحرمين، وقدم له خدمات لولاها ماكنش دي فارتيما إنه ينجح في رحلته.
وصل لودفيكو دي فارتيما إلى المدينة المنورة يوم 9 مايو 1503 م، وكانت أول مكان مقدس يزوره وأقام فيه 4 أيام ، وقال عنها المدينة المغضوب عليها من الله، لأنها كانت خالية من العمارة وكلها صحاري قاحلة فضلاً عن عدم وجود موارد اقتصادية بها، كانت المدينة المنورة مكونة من 300 منزل وبها 60 نخلة، أهل المدينة جهلاء لأنهم ، كانوا يقولون أن الرسول صلى الله عليه وسلم مدفون في الهواء.
وصف دي فارتيما المسجد النبوي وصف دقيق جدًا لكنه وقع في أخطاء ونقدر نعرف الأخطاء من خلال الإطلاع على ترجمة الرحلة للعربية واللي بتقول الجهل أوقع دي فارتيما في الخطأ حيث قال إن غرفة الدفن فيها النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة وابنته السيدة فاطمة، والصحيح أن النبي وصاحبيه أبي بكر وعمر فقط هما المدفونان، بينما علي في الكوفة وعثمان وفاطمة بالبقيع.
أما الثقافة المسيحية التي كانت لدى دي فارتيما فظهرت حين تكلم عن منصب الخليفة، حيث وصف أبي بكر الصديق بـ “الكاردينال”، وأنه كان يريد أن يصبح “البابا” بعد موت الرسول، وعند سياق شرحه لحياة الصحابة قال إنهم تنازعوا على الحكم، ووصف المسلمين بالرعاع لأنهم يقتلون بعضهم بسبب نزاعات الصحابة.
الأمر الآخر الذي يدل على ثقافة دي فارتيما المسيحية عند كلامه عن الحج والزيارة، أن جملة الرسول صلى الله عليه وسلم التي قالها وهو يحتضر “بل الرفيق الأعلى”، جعلته يفهم أن الرسول مثل عيسى في السماء لا زال حياً، وبالتالي هاجم دي فارتيما النبي وقال “لقد تعبنا من هذه الأباطيل التي بدت من محمد”، ووصل الأمر إلى دي فارتيما لدرجة الكذب حيث قال إن هناك بئراً في المدينة المنورة حفره القديس مارك، والصحيح أنه لا يوجد شيء كهذا أصلاً وربما فهم أن بئر رومة الغفاري هو المقصود بذلك وفي هذا خطأ لأن رومة الغفاري كان مسلماً من قبيلة كنانة.
لودفيكو دي فارتيما حضر الحج وشارك فيه، واتكلم على موسم الحج طبقاً لفهمه أو محاولته تقريب المفاهيم بالنسبة للقارئ الأوروبي وترجمته بتقول هو وصف الحج بـ “عيد الغفران”، وقال عن الكعبة أنها “معبد حجري”، ووصف الحجاج بـ “الوثنيين”، ثم قال عن شيخ خطبة الحج أنه “كاهن”
الطريف إن أثناء موسم الحج كاد دي فارتيما إنه يموت لأن أحد تجار مكة شك في أمره، ولما أقسم دي فارتيما بأنه مسلم، خده الرجل المكي لمنزله وقاله إنه عارف أنه كداب لأنه زار إيطاليا وهو يشبه الإيطاليين، فلم يجد دي فارتيما مفراً من الاعتراف
بيحكي مترجم الرحلة اللي حصل فقال كان التاجر المكي يكره ملك البرتغال جواو الثاني ومانويل الأول، لدعمهما جهود البرتغاليين في عملية اكتشاف مضيق رأس الرجاء الصالح والذي أثر على التجارة، لكن التاجر كان ساذجاً، فهو صدق دي فارتيما حين قال أنه أفضل من يصنع المدافع وسيحارب ملوك البرتغال الظلمة، وبالتالي ساهم التاجر المكي في إخراجه سالماً، ولولا هذا التاجر ما كان لـ دي فارتيما أن يطبع رحلته هذه سنة 1510 م أو يظل حياً إلى عام 1517 م حيث تاريخ وفاته.