النهاردة هنروح لبنان، وطبعا بما اننا في لبنان يبقي اكيد هنتكلم عن جارة القمر السيدة فيروز وعن أغنية غريبة بدأت حكايتها بسبوبة او نحتاية من ابنها الملحن زياد الرحباني وانتهت في الأخر لأغنية عظيمة كلنا بنحبها.
دايما احنا بنحط تصورات عن الأشخاص وبنبني عليها أراء ممكن تطلع صح وممكن تطلع غلط، من الأشخاص دول زياد الرحباني الشخصية المثيرة دايما للجدل بأراءها عن الحياة والمرأة والسياسة.
في قناعة عند كتير من الناس ان زياد الرحباني كل اللى بيقدمه ممكن يتصنف على أنه فن ملتزم او علي الأقل هنقول انه فن هادف مش الغرض الرئيسي من وراه المكسب المادية أو الشهرة الفنية.
لكن زياد شخصية جدلية جدًا واضح حد التجريح وصريح حد الوقاحة، من الفنانين القليلين جدًا اللى عندهم اتساق مع افكارهم، وبعيد عن كونه فنان فهو دايما شايف نفسه انسان عادي له اخطاؤه وعنده كل التناقضات اللى ممكن نشوفها في كل البشر، عشان كده مكنش عنده مشكلة جدًا أنه يقبل بسبوبة في مقابل انه عاوز يفك ازمته المادية بسبب الحرب الأهلية اللبنانية اللي كان الكل فيها تقريبًا قاعد في بيته من غير شغل.
زياد وقتها شاف عربية لونها كحلي مستعملة وكان عاوز يشتريها بأي شكل، لكن الأزمة المادية كانت شديدة جدًا وصاحبها كمان كان طالب فيها 8 الاف ليرة، طب ايه العمل دلوقتي وزياد هيجيب الفلوس منين؟
جه الفرج عن طريق عمه الياس الرحباني اللى طلب منه يشترك معاهم في برنامج غنائي هينتجه تليفزيون الأردن وهيشرف عليه مؤسسة الرحابنة البرنامج كان اسمه “ساعة وغنية” وده زياد بيقول عنه أنه كان أغرب برنامج في الكون لأنه فيه اكتر من 120 أغنية؟ يعني مفيش أي حجة للرفض عشان يفك الأزمة المادية.
زياد علطول افتكر العربية وتمنها اللى مش قادر عليه فسأل عمه هتدفعوا كام في اللحن؟ رد عمه بأن اللحن الواحد بألف ليرة، رد زياد بسرعة وقاله خلاص يبقى هلحن 8 أغاني بس وبشرط ان اسمه مايتكتبش على أي لحن منهم،
عمه استغرب جدًا يابني في أكتر 120 أغنية 8 بس ليه، زياد قاله انا مش عايز غير تمن العربية وخلاص، عمه خرج غضبان جدًا وقاله انت مجنون ومش هتتغير ابدًا.
سافر زياد فعلًا وعمل ال 8 ألحان وعمه اتحايل علي موضوع اسمه فكتب في التتر أشترك في الألحان زياد الرحباني، ولما أغاني البرنامج نزلت بعد كده على اسطوانات اتكتب عليها اسمه.
النقطة المهمة في القصة كلها، ان زياد رغم انه مكنش مقتنع بالبرنامج وشايف انه سبوبة وهتخلص لكنه حط ألحان حلوة فعلًا، وممكن تسمعوا أغاني زي “يا ريح المسا” اللى غنتها رونزا، أو “غالي على قلبي” اللى غناها عبدو ياغي، أو بيقولوا قيس اللي غناها ملحم بركات، هتكتشفوا انه كان عامل الحان عظمة بجد يعني حتى وهو بينحت كان بينحت وهو عنده ذمة فنية.
لما رجع زياد على لبنان فضل لحن واحد بس من الألحان التمانية مستخسره في البرنامج، اللحن ده كان اسمه ورقو الأصفر شهر أيلول، ففكر ليه مايعرضوش على الست فيروز.
وفعلا راح لها وسمعها اللحن اللى عجبها جدًا بس طلبت منه تغيير الكلمات لأنها مش عاجباها، طار زياد بعدها على صديقه الشاعر “جوزيف حرب” اللي كتب كل الأغاني اللي عملها زياد في البرنامج وطلب منه يكتب كلمات جديدة فكتب “زعلي طول انا وياك وسنين بقيت جرب فيهم انا انساك ماقدرت نسيت” ونزلت الأغنية في ألبوم “معرفتي فيك” سنة 1981 اللي يعتبر أول البوم بالكامل يلحنه ويوزعه زياد لفيروز بعد انفصالها فنيا عن الأخوين الرحباني،
الألبوم كان ثورة موسيقية في الفترة دي، اول مرة سمعه منتج ألبومات فيروز قاله بالنص “ده حاجة تنفع لبره مش هنا” ازاي الناس هتقبل فكرة ان فيروز تغني على موسيقي الجاز، وازاي هتقبل فكرة أنك حاطط صوتها خلفيه لمزيكتك في أغنية “ياليلي” زياد كان مصمم على اثبات ذاته وانه قادر على انه يقود مشروع فيروز الجديد ويستقل بنفسه بعيد عن سلطة الأخوين رحباني، وده اللى خلي الألبوم يلاقي اعتراضات كتيرة من عشاق فيروز القدام، لكنه حرك فنها كتير لقدام.
اللي يضحك في الموضوع أن الكلمات القديمة اللى هي “ورقو الأصفر شهر أيلول” اللي رفضت تغنيها الست فيروز هترجع تغنيها في التسعينات بس على لحن العظيم فيلمون وهبة وتنزل في ألبوم يارايح.