تعتبر سنة 1992 هي اكتر سنة شهدت انتاج موسيقي لحميد الشاعري، في السنة دي حميد عمل حوالي 50 لحن ووزع 116 أغنية، وبحسبة بسيطة هنلاقي أن حميد تقريبًا وزع 15 شريط غنائي لوحده، وده رقم ضخم جدًا يبتعد بمسافة عن حسام حسني اللى كان نصيبه بس في السنة دي حوالي 48 أغنية.
الفترة دي كان أغلب مطربين موسيقي الجيل ماشيين ورا رؤية حميد اللى كان بيشرف على المحتوى الموسيقي بالكامل بل مش هبالغ لو قلت أن كلهم كانوا بيروحوا الاستوديو مش عارفين مين عليه الدور في التسجيل.
أشهر شرايط وزعها حميد في السنة دي كانت شبكني الهوي لأحمد جوهر ومعجباني للمطرب فارس ، لياليكي لمصطفى قمر “رايق” لحسن عبد المجيد وهي الألبومات اللى نجحت في أنها تحط بعضهم على سلم النجومية، لكن عاب الشرايط دي أنها كانت تقريبا نسخ من بعضها، شيل بس اسم المطرب ومش هتحس بفرق كبير، وده رسخ لفكرة استسهال حميد في التنفيذ واتهام بعض النقاد له بعدم تجديد مزيكته ناهيك تحكمه في العمل من الألف والياء
في نفس السنة وزع حميد شريط “لو كان “للشاب عراب اللى كان قمة تطور حميد في الفترة دي موسيقيًا وكان بعيد كل البعد عن تهمة الاستسهال وخلانا نشوف حميد بشكل مختلف، شريط لو كان يعتبر طفرة في شرايط موسيقى الجيل وافضل ظهور لحميد كموزه في الفترة دي.
محمد عبد العالي عراب أو زي ما كلنا نعرفه الشاب عراب ، الليبي المعجون بحب المزيكا والغنا، كان أقرب أصدقاء حميد من بداياته في ليبيا مع فرقة ابناء افريقيا لحد ماجه مصر في الثمانينات، وكان عراب من ضمن الكورال اللى غنى ورا حميد في شرايط كتيرة اهمها شريط “رحيل” وبعدين جات فكرة عمل أول شريط له وأطلق عليه حميد الشاب عراب كأسم فني ملائم للفترة دي اللي كانت بتشهد انتشار موسيقي الراي في الوطن العربي كله.
الشاب عراب كان عنده ميزات كتيرة بجانب صوته الدافي جدًا، اهمها هي طريقة تفكيره المختلفة عن بقية المطربين في جيله وده خلاه يشتغل على شريطه الأول فترة طويلة لأنه كان عاوز يقدم نفسه للجمهور بشكل جديد ومختلف عن استايل موسيقى الجيل.
عراب كان حلمه أنه يقدم المزيكا الليبية بشكل عصري وكان في ذهنه تجربة المطرب الليبي الكبير “أحمد فكرون” اللى بالمناسبة ممكن نقول عليه أنه الأب الروحي للأغنية العربية الحديثة، عشان كده عراب كان نفسه انه يعيد غناء بعض أغانيه وبالفعل كلمه لكنه فكرون اعترض على الفكرة مش لشخص عراب لكن لخلافات شديدة كانت بين أحمد فكرون وبين حميد الشاعري فقاله لو هتعيد الأغاني بتاعتي حميد مايوزعهاش، وطبعا فشلت الفكرة من بابها لكن عراب ماييأشي واختار أغاني في قمة الروعة بخلطة مصرية ليبيبة مدهشة
شريط لو كان ضم ثمن الحان متنوعة كان نصيب حميد منها تلات أغاني وفرقة الموسيقى الحرة اللييبية تلات أغاني ولحن لكل من مصطفى قمر وأشرف السر خوجلي، التنوع ده خلى حميد ما يعتمدش على إيقاع المقسوم بشكل مبالغ فيه زي ما احنا معتادين منه، بل ممكن نقول أن حميد وزع الألبوم بمزاج شخصي جدًا بعيد عن اعتبارات السوق الغنائي وقتها.
لو كان كانت أول أغنية في الشريط وكان واضح تأثير الأغنية الأصلية لفرقة الموسيقي الحرة على رؤية حميد الموسيقية في استخدامه نفس صولوهات الأليكتريك جيتار مع وضع بصمته في المقدمة الموسيقية اللي عزفت بالأكواستيك جيتار مع الكي بورد والمقدمة دي تحديدًا كانت تتر لبرنامج نايل دي جي على قناة النيل الدولية.
حميد وعراب راحوا للفلكلور الليبي في أغنية “وين معدي” اللى عملولها تطوير لحني مع تغيير في بعض الكلمات قام به بيه الشاعر عادل عمر.
قدم حميد وعراب شكل جديد في أغنية ضميني اللى كانت أول أغنية يتم استخدام إيقاع الريجي فيها مع لحن قوي جدًا من أشرف السرخوجلي مع تألق للشاعر سامح العجمي بمفرداته الخاصة المش مستهلكة بالمرة.
أغنية غنيت واحدة من أحلي الألحان اللى وضعها حميد في حياته ورغم انه هنا استعمل إيقاع المقسوم إلا أنه مكنش بنفس الصخب المعتاد منه وده زاد من حلاوتها
في المجمل العام للألبوم هنلاقي إطلالة حميد كانت مختلفة تمامًا، ومش عارف هل حميد كان بيتنبأ أنه على وشك الإيقاف عن العمل فقرر من غير ما يقصد أنه يعمل شريط للتاريخ، الشريط رغم انتشاره وسط محبي موسيقي الجيل إلا انه على المستوى العام ماشهدش انتشار يستحقه ليرحل بعدها الشاب عراب في ظروف غامضة مع انتشار اقاويل بأن وراء حادث وفاته النظام الليبي اللي كان عراب معارض له، إلا أن شريط لو كان فضل في الذاكرة كواحد من أهم إصدارات موسيقي الجيل على الإطلاق.