لما نقول نبوية موسى هيجي على بالنا على طول إنها أول ناظرة مصرية لمدرسة ابتدائية ثم ناظرة لمدرسة المعلمات وبعدها اتولت منصب مفتشة التعليم الأولى، لكن في جوانب صعبة في حياتها.
نبوية موسى كانت نشطةً في الحراك النسائي وسافرت كعضو في الوفد النسائي المصري إلى مؤتمر المرأة العالمي المنعقد في روما 1923 م وبمجرد عودتها للقاهرة بدأ التنكيل بيها.
نبوية موسى مكنتش من المحظيات في مصر سواءًا من حكومة الوفد الحكومة الوفدية أو سلطات الاحتلال ولا حتى القصر، وبسبب نشاطها فالانجليز غضبوا لدرجة خلت المستر باترسون مستشار الاحتلال في وزارة المعارف يقرر منحها أجازة مفتوحة مدفوعة الأجر بمرتب 42 جنيه واستفادت من هذه الأجازة لأنها أعطتها وقتًا أكبر للنشاط جعلها تسافر لمؤتمر روما عام 1923 م.
بعد رجوع نبوية موسى من مؤتمر روما العالمي للمرأة تعرضت للتنكيل الروتيني لمدة سنتين نشاطها زعل خصومها داخل وزارة المعارف اللي أقنعوا محمد سعيد وزير المعارف بحكومة الوفد التي ترأسها سعد زغلول في يناير 1924 م فجات فكرة نقلها لوظيفة كبيرة مفتشات الوزارة في القاهرة بمرتب خمسين جنيه، وكان هذا المنصب بالنسبة لها اعتقالاً لأن هذا المنصب منعها من الحركة وحجمها بالوظيفة.
الوظيفة الجديدة لنبوية موسى كانت متنكدة بالروتين لمدة سنتين ووصلت قمة الفجاجة أن كتب أحد موظفي الوزارة تقرير لوزير المعارف يوم 23 يونيو عام 1924 بيقول “نبوية موسى تعاني من اضطراب عصبي بالإضافة إلى أنها أنثى معقدة وأخلاقها ضيقة لا تصلح للعمل مع الرجال والضرورة تقتضي أن تترك سلك العمل التعليمي”.
التقرير اللي كتبه الموظف كان صادمًا من حيث التهمة، متهمهاش بأنها زعيمة سياسية وإنما اتهمها في سلامة قواها العقلية وسوء أخلاقها، لكن إيه سبب التقرير الكيدي.
كتاب محمد أبو الإسعاد بيقول هذا التقرير جاء بعدما رأته نبوية موسى بحكم منصبها كـ كبيرة مفتشات، حيث اكتشفت أن قيادات وزارة المعارف فاسدون أخلاقيًا إذ يستغلون سلطات وظائفهم في إقامة نوع من العلاقات المشبوهة مع بعض المعلمات، وأرسلت خطابًا إلى أحمد خشبة وزير المعارف في 8 ديسمبر سنة 1924 م اتهمت فيه صراحة عبدالفتاح بك صبري وكيل الوزارة بالفساد الأخلاقي.
قالت نبوية في خطابها الوارد نصه بملفها الموجود داخل دار المحفوظات ونشره محمد أبو الإسعاد في كتابه عنها «إن المعلمات يُدْفَعْنَ إلى الرشوة بأعراضهن وأنا أعلم المسئولية الجنائية التي ستُلْقَى على عاتقي من ذلك القول ولكن لدي من الشهود والبينة ما يخرجني بريئة، ولست أطلب عقابًا أو أذىً لأحد ولكني أطلب إبعاد الأيدي التي تعبث بأخلاق البنات، كما أطلب رد حقوق عملي المغتصبة ظلمًا إليّ أو إحالتي لمجلس التأديب للتأكد من كلامي»
وزارة المعارف مقدرتش مع صراحة الاتهام اللي وجهته نبوية موسى إن تحيلها لمجلس التأديب، فقرر أحمد خشبة وزير المعارف جعل الشكوى في الدرج، لتقوم نبوية موسى في 8 ديسمبر 1925 بالتصعيد، فلجأت إلى الصحافة وكتبت بجريدة السياسة الناطقة بلسان حزب الأحرار الدستوريين مقالاً بعنوان نظام تعليم البنات في إنجلترا ومصر.
كتاب نبوية موسى بيوثق للي حصل فقال كان هذا المقال كارثيًا على نبوية موسى ـ هكذا تصور موظفي وزارة المعارف خاصة وأن الوزير الحالي رجل بالغ النفوذ وهو علي ماهر ـ فوجهت وزارة المعارف إنذارًا رسميًا بتوقيع الوزير شخصيًا إلى نبوية موسى بتاريخ 9 فبراير 1926وذكر أن نبوية لو لها حق فقد ضيعته بمخالفتها للمادة 144 فصل 2 من القانون المالي الذي يمنع موظفي الحكومة إبداء ملاحظات شخصية عن طريق الجرائد.
وفي 6 مارس عام 1926 قرر وزير المعارف علي ماهر فصلها عن العمل ووافق مجلس الوزراء بعد 48 ساعة من تقديمه مع إشارة للوزير بتقول “نبوية لها الحق في صرف مكافأة نهاية الخدمة بالإضافة إلى ضم مدة خدمتها في الفيوم والدقهلية من عام 1909 حتى 1914 وقدرها 5 سنوات وشهرين و 18 يوم إلى المعاش حتى يتسنى لها العيش به”، لكن الوزارة رفضت لفت الانتباه دا بحجة أنها لم تكن على قوة العمل في تلك الفترة
قررت نبوية موسى تحويل معركتها من الصحافة لساحة المحكمة فرفعت قضية على الوزارة وقضت محكمة أول درجة برفض دعوتها فاستأنفت وفضلت 4 سنين صامدة وهي بتقاضي الوزارة لحد ما انتهت القضية بقرار المحكمة بتعويضها بمبلغ 5 آلاف جنيه وإلزام الوزارة بتعويضها من باب الحق الأدبي لها لما تعرضت له من اتهامات تخص سمعتها.
وفي النهاية اتحالت إلى التقاعد في 17 ديسمبر 1946 بمعاش 40 جنيه وماتت سنة 1951 عن عمر 65 عامًا.