يوم قبض المرتبات في مصر ينفع نسميه “يوم السعادة التعيسة”، ليه بقى ؟
الموظف ياخد مرتبه باليمين ويصرفه بالشمال على الاحتياجات والديون
بس مافيش سعادة فيها تعاسة زي اللي حس بها سعيد محمد زكي شارو فبسببه تغير نمط صرف المرتبات الشهرية سنة 1964 م
قبل سنة 1964 كان نظام القبض إن صراف الشركة ياخد توكيل من الشركة يروح بيه للبنك وياخد الفلوس، لكن بعد حادثة سعيد محمد زكي شارو اتلغى النظام على يد المحامي يحيى عبدالخالق العدل، ووكيل نيابة شمال القاهرة جمعة سراج مع وكيل للنيابة قدموا اقتراح يلزام الشركات إنهم يعملوا وثيقة تأمين على الصراف لما يشيل المبالغ ضد السرقات والحوادث، مع تخصيص حارسٍ من أمن الشركة له يرافقه من البنك لحد مقر المدير المالي.
مين هو سعيد شارو دا بقا ؟
كان سعيد محمد زكي شارو شاب من مصر الجديدة يسكن العقار رقم 1 في شارع أبو بكر الصديق، وهو متزوج وله ولد وبنت، وكان شغال متعهد لعمال بوفيه نادي الهليوليدو في مصر الجديدة من سنة 1963 ولما طلبت منه مؤسسة التأمينات الاجتماعية مبلغ 873 جنيه مستحقة لعمال البوفيه، ساب الشغل وجاتله فرصة يشتغل صراف تبع الشركة المعدنية لمنتجات الزهر في منطقة عابدين في إبريل من العام 1964 م بمرتب 27 جنيه.
سعيد محمد زكي شارو مكملش في شغلته دي أكثر من 4 شهور، مستقالش ومسابش وظيفته عشان شايف إن المرتب قليل، لكن ساب الشغل عشان يسرقه.
يوم 27 أغسطس من العام 1964 راح سعيد شارو لبنك الإسكندرية عشان يتمم عملية قبض مرتبات موظفي شركة الزهر عن شهر أغسطس بقيمة 11 ألف جنيه موزعة على 14 شيك، ومرجعش سعيد لمقر الشركة لحد الساعة 6.
قرر أديب حنا سابا «المدير المالي للشركة المعدنية لمنتجات الزهر»، تقديم بلاغ لقسم عابدين بالواقعة، وتولى العقيد محمد سعيد حجازي والرائد أحمد فؤاد مهمة البحث، وقاما بنشر صورته على جريدة الأهرام.
بالحسبة الأمنية كان الصراف شارو يا إما مقتول أو حرامي، لكن من الحيثيات الأسرية مكنش حد من عيلته يتخيل إنه حرامي، وحتى التكهن بأنه تعرض للسرقة مبقيش غير مقنع لأنه مبلغش بحاجة، ضيف لكدة إنه ميسور الحال، يعني إيجار شقته في مصر الجديدة 11 جنيه، بالإضافة إنه مش من مرتادي الكازينوهات أو صالات القمار.
مرجعش سعيد لبيته وراح لوسط البلد، اختار شقة في العمارة رقم 17 ف شارع طلعت حرب عشان يأجرها من صاحب البيت منير عبدالشهيد «الموظف في بنك مصر»، وقابله شارو بجلابية بيضا وغترة خليجية واتكلم بلهجة كويتية، وقضى في الشقة ليلة واحدة قبل ما يوقع عقد الإيجار.
في ليلة واحدة صرف سعيد شارو مبلغ 496 جنيه من الـ 11 ألف جنيه، اشترى راديو بـ 29 ج، وماكينة حلاقة بالكهرباء بـ 11 جنيه، وترانز ستور صغير بـ 10 جنيهات، وراديو على شكل كرة أرضية بـ 14 جنيه، وساعة يد بـ 20 جنيه، و 8 قطع قماش بـ 41 جنيه، وأحذية وقمصان وكرافتات بـ 30 جنيه، وإزازتين ويكسي وإزازتين بيرة بـ 30 جنيه، بالاضافة لـ 100 جنيه قيمة إيجار شهرين، بالإضافة لأجرة خادمة عجوزة.
كيف تم اكتشاف الصراف شارو ؟
خبر جريدة الأهرام عن صراف يوم قبض المرتبات في مصر كان السبب الرئيسي في إنه يوقعه واتنشرت صورته اللي كان فيها شنب شبه شنب هتلر وحلقه بعد السرقة، فقام صاحب العقار منير عبدالشهيد قرا الخبر وشك في الموضوع وحس إنه هو الصراف، لحد ما عرف يحدد الفرق بينه وبين المستأجر الكويتي وهو الشارب.
راح صاحب العقار للشقة وتكلم معاه بحجة أنه سيكتب الإيجار، فقال شارو بلهجة كويتية ركيكة إنه عايز يمضي عقد إيجار بشهرين ودا اللي لباه صاحب العقار وبعدها راح بلغ الشرطة فجات وبمجرد دخول الشرطة الشقة صرخ سعيد محمد زكي شارو وقال «الحقوني .. عصابة خطفتني»، ووقع مغمي عليه بيمثل.
حكى الصراف عن ارتكابه للجريمة وقال «يوم الحادث، توجهت لصرف الشيكات من البنك، فوجئت بثروة كبيرة في يدي، خطر لي أن آخذ المبلغ وأهرب في أي مكان، حدث ذلك دون تدبير سابق، فأخذت المبلغ وخرجت من البنك، وعندما وجدت نفسي خارج الباب ناديت تاكسي، وبعد أن ركبت سألت سائقه بلهجة شرقية إذا كان يعلم سماسرة شقق لأنني قادم من الكويت، وطلبت منه إرشادي عن شقة مفروضة فأخذني إلى سمسار في العجوزة، وصحبني إلى صاحب الشقة واتفقت معه».
من الطرائف في الحادثة دي أن منير عبدالشهيد الذي اكتشف السارق وقام بإبلاغ الجهات المختصة، مخدش مكافأة الـ 10 %، وإنما تقرر إعطاءه مكافأة تقديرية من شركة الزهر.