جحا الحقيقي مين ؟
هلت أنوراك يا جحا .. إنت وحمارك .. دا بتاعتنا وما احناش سالفينه .. يحيا جحا وتحيا أسافينه”
بالأبيات دي لخص الشاعر الكبيرسيد حجاب موقف المصريين من شخصية جحا، واللي كان له مسلسل فانتازيا كبير من بطولة النجم يحيى الفخراني.
شخصية جحا الحقيقية مش زي ما ناس كتير يعرفوها بحماره ونوارده المضحكة اللي خلته شخصية خالدة في الوجدان الشعبي بالكوميديا، لكن التاريخ الحقيقي بيقول إنه كان من الشخصيات الفكرية والدينية ذات العراقة.
أول حد ربط بين شخصية جحا والفكاهة، كان الجاحظ في كتاب “القول في البغال” ونشر نوادره من غير أن يؤرخ للشخصية.
في التاريخ كان فيه اتنين اسمهم جحا، أولهم من البصرة جحا البصري واسمه عبدالله أبو الغصن بن ثابت اليربعوني المنتسب لقبيلة فزازة العربية، واتولد سنة 60 هجري في الكوفة وتوفي عام 160 هجري في عهد أبو جعفر المنصور.
كان جحا البصري عالم في الحديث واتكلم عنه البخاري في كتابه التاريخ الكبير قائلاً “دُجين بن ثابت أبو الغصن اليربوعي، سمع من أسلم مولى عمر، روى عنه مسلم وابن المبارك “.
أما بن الجوزي في كتاب “أخبار الحمقى والمغفلين” قال عنه ” كان رجلاً كيِّسًا ظريفًا، وهذا الذي يُقال عنه مكذوب عليه، وكان له جيران مخنثون يُمازحهم ويمازحونه فوضعوا عليه”.
شمس الدين الذهبي في كتابه “سير أعلام النبلاء” بقوله “قال عبّاد بن صهيب: حدّثنا أبو الغصن جُحا – وما رأيت أعقل منه – قال كاتبه: لعلّه كان يمزح أيام الشبيبة، فلمّا شاخ، أقبل على شأنه، وأخذ عنه المحدِّثون”.
السبب اللي خلى دُجين البصري مشهوراً بالكوميديا يذكره جلال السيوطي في كتاب كامل سماه “إرشاد من نحا إلى نوادر جحا”، حيث قال “كان أهل الكوفة لا يحبونه لأنه منتسب إلى البصرة، خاصة بعد أن كانت أمه خادمة لأم أنس بن مالك، بالإضافة إلى اهتمامه بالحديث من محدثي البصرة الذين تعلموا في المدينة وهو ما يكرهه أهل الكوفة”.
أما الشخصية الثانية فهي شخصية التركي نصر الدين خوجة، وكان قاضياً وفقيها، مولوداً عام 605 هجري في قرية خورتو التركية التي تعلم فيها، ثم صار إماماً في بلدة سيوري حصار.
كان نصر الدين التركي مزارع ومدرس، فضلاً عن شهرته في الفقه الحنفي، وتميز أسلوبه في الشرح بذكر المواعظ الطريفة من التاريخ الإسلامي ويمكن دا سبب كلام البعض فيه أنه شخصية فكاهية، لكنه على الأرض الواقع كان له جرأة على الحكام حيث استطاع معارضة تيمور لنك في قراراته.
وتوفي جحا التركي سنة 683 هجرية ودفن في مقبرة آق شهر الكبرى، ويرد عباس العقاد في كتابه جحا الضاحك المضحك على مسألة نوارده بقوله “يستحيل أن تصْدرعن شخصية واحدة لتباعد البيئات التي تُروى عنها”.