لما المنتخب المصري وصل لكأس العالم في روسيا سنة 2018 بعد فوزه على ضيفه منتخب الكونغو بهدفين مقابل هدف واهتم كل الناس بتاريخ الموضوع دا عشان خاطر إن كأس العام دا يعتبر حدث تاريخي وخصوصًا بعد غياب سنين.
لكن دور التاريخ هنا مختلف شوية لو دمجنا اسم محمد صلاح ومصر بروسيا لإن جوانب قدرية أخرى جمعت محمد صلاح بأحد أهم رموز الفكر العربي في روسيا وهو الشيخ محمد عياد الطنطاوي .. إيه الصدف القدرية دي ؟
قرية واحدة هي قرية نجريج اللي أخرجت محمد صلاح لاعب المنتخب المصري ، وأخرجت أيضاً الشيخ محمد عياد الطنطاوي، واقترن تاريخ محمد صلاح الكروي مع تاريخ الكرة المصري بتأهل الفراعنة لمونديال روسيا، وهو نفس الشيء اللي حصل مع بلدياته الشيخ محمد عياد طنطاوي حيث اقترن تاريخ مصر مع روسيا به هو التاريخ بسبب إنه أول من قام بتدريس اللغة العربية في روسيا وهو الذي عرف كل بلاد الشرق بتفاصيل روسيا الدولة والجغرافيا والتاريخ والمعالم .
وجاء شهر أكتوبر ومعاه أهم حدث تنتظره مصر وهو تأهلها للمونديال في روسيا، وهو برضه شهر أكتوبر اللي مات في الشيخ محمد عياد طنطاوي وكرمته روسيا بشكل كبير يعني دفنوه في مقابر بولكوفو بالقرب من سانت بطرسبرغ، ودخل قبره في قائمة الآثار التاريخية والثقافية في روسيا والتي هي مصانة من الدولة.
مافيش مؤرخين عرب رصدوا سيرة الشيخ محمد عياد الطنطاوي لكن فيه كتاب صدر سنة 1929 م عن حياته كتبه أغناطيوس كرت شكو فسكي و ترجمته الدكتورة كلثوم عودة.
الشيخ محمد عياد الطنطاوي من مواليد نجريج واللي كان اسمها نجريد من قرى مديرية الغربية في مصر سنة 1810م لأب بيشتغل في تجارة الأقمشة والبن والصابون
وصل محمد عياد الطنطاوي لسن السادسة وبدأ يتردد على الكتّاب في طنطا، وبعد أن أتم حفظ القرآن مرتين، حفظ متون كتيرة زي متن المنهج في علم الفقه، وألفية ابن مالك، ولما وصل لسن 10 سنين بدأ في دراسة الشروح والتعاليق على المتون اللي حفظها على يدي الشيخ “محمد الكومي” والشيخ “محمد أبو النجا.
دخل الأزهر وهو سنه 13 سنة وتتلمذ على يد مشايخ كتير زي الشيخ إبراهيم الباجوري صاحب الشروح العديدة في العقائد والفقه والنحو والمنطق، واللي بقي شيخ للأزهر فيما بعد، واتعلم تعلم على يدي الشيخ حسن العطار اللي كان عالم وشاعر، وبقي شيخ للأزهر برضه ، وكمان كان زميل رفاعة الطهطاوي اللي كان أكبر منه بـ 10 سنين.
بعد 5 سنين من دخوله الأزهر الحال ادحدر بمحمد عياد الطنطاوي لإن تجارة أبوه خسرت فاضطر طنطاوي إنه ميكملش دراسته فكان بيقضي أكتر أوقاته في طنطا بين القراية والشغل وخد إجازة تدريس الحديث من الشيخ مصطفى القناوي شيخ مسجد السيد البدوي
وبعد كدة بدأ تدريس تفسير القرآن والمنطق بالجامع الأزهر، ولكنه كان مولعًا بعلوم اللغة وآدابها، فبدأ يدي دروسًا في الشرح والتعليق على كتب الشعر والأدب، وكان مميز فشتغل بمؤهله المتوسط كمدرس في الأزهر لكن التدريس في الأزهر مكنش بيديله المكسب الكافي لأهله؛ لذلك كان زي غيره بيدور على شغلانة تانية فكان قدامه يشتغل محرر ومصحح في المطابع، بس قانونًا مكنش ينفع يجمع بين مهنتين فقرر يبقى مدرس اللغة العربية وآدابها لكن تلامذته يكونوا أجانب، فاشتغل مدة في المدرسة الإنجليزية واتسع نطاق حلقة تلاميذه اتساعًا غيّر مجرى حياته في المستقبل.
في مصر أواخر عصر محمد علي ، كان الطنطاوي معلم للمستشرقين وكان من بين تلاميذه أيضًا من المستشرقين الشباب اتنين من روسيا هما “موخين” و”فرين”، واتعلموا في مصر .. فرين بعد ما اتخرج من مصر قعد فيها وموخين تخرج في قسم التاريخ والآداب الشرقية بجامعة بطرسبرج، وكان بيشتغل مترجم في القنصلية العامة الروسية في مصر، وهناك تلقى دروسًا على يد الطنطاوي في العربية، ودرس الشعر العربي، واقتنى مجموعة من المخطوطات، وأخرى من الآثار المصرية القديمة.
الاتنين دول كان لهم الأثر على الطنطاوي لإنهم طلبوا منه يروح روسيا وقال الطنطاوي عن دا في يومياته “إن طلبهما كان أول دافع لسفري إلى روسيا”، واشتغ معلم اللغة العربية بالقسم التعليمي التابع لوزارة الخارجية الروسية لحد ما قام وزير الخارجية الروسي بتكليف القنصل العام في الإسكندرية بالبحث عن مدرس مناسب من علماء العرب يعلم الروسيين العربية، فاختار الطنطاوي.
سافر الطنطاوي روسيا سنة 1840، ووصل إلى أوديسا على ساحل البحر الأسود ومعاه تلميذه السابق موخين، ومن هناك راح إلى كييف، وواصل رحلته بعد ذلك لحد ما وصل إلى بطرسبرج في 29 يونيو 1840 م
ابتدأ الطنطاوي عمله بإلقاء محاضراته في كلية اللغات الشرقية في أوائل أغسطس 1840 م وبقي يشتغل في التدريس 15 سنة لم يغادر فيها روسيا إلا مرة واحدة سنة 1844 لزيارة أهله وزار القاهرة وطنطا واهتم بجمع المخطوطات الشرقية، وقد امتدت مدة إقامته ولما حصلت أصيب بمرض خلاه يقعد عن الحركة لحد ما اتشفى.
كتاب حياة الطنطاوي بيقول “وقد خلف الشيخ الطنطاوي في قسم اللغات الشرقية سلفه “ديمانج” الذي ولد عام 1789، وهو تلميذ “سلفستر دي ساسي” المستشرق الشهير، وكان أول أستاذ للغة العربية في دار المعلمين من عام 1816، ثم في الجامعة من عام 1819، أما الشيخ الطنطاوي فقد ظل يعمل بالتدريس بالقسم التعليمي خلفاً له، ثم عمل أستاذًا بالجامعة عام 1847 بعد تقاعد سيمكوفسكي،جمع الطنطاوي في تدريسه بين الطرق العملية والنظرية، فمن جهة كان يدرّس قواعد اللغة، ويشرح أمثال لقمان، ويقرأ قطعًا من مؤلفات تاريخية، ومن مقامات الحريري، كما كان يدرّس الترجمة من الروسية إلى العربية، والخطوط الشرقية، وقراءة المخطوطات، والمحادثة باللغة العربية، وزاد على ذلك عام 1855 تدريس تاريخ العرب”.
نال الشيخ الطنطاوي عدد من الألقاب والأوسمة، منها: الشكر القيصري عام 1850 لجهوده في التدريس لطلاب جامعة بطرسبرج، وميدالية من ملك ڤورتمبرگ على قصيدة له باللغة العربية، وخاتم مرصّع بالجواهر من ولي العهد القيصري شكرًا على جهوده في تزيين الغرفة التركية في قصر تسارسكي سيلو.
رغم مرضه وإنه عاجز عن التدريس في كلية اللغات الشرقية، الجامعة فضلت رافضة تعيين حد مطرحه لحد ما استعفي من الخدمة في 31 يناير عام 1861، ومات بعدها بـ 10 شهور وتكريما له قررت روسيا دفنه واعتبر قبره أثرًا.