حتكلم النهاردة عن كوباية البرتقان
أه عصير البرتقان اللي بنشربه ده
تخيل يا صديقي إني من كي جي ١ بقيت بصحى كل يوم الساعة ستة ونص صباحا علشان أدخل الحمام وأغير وألبس المريلة وأشرب كوباية عصير البرتقان إياها بطلة حلقتنا.
بقى عندي ارتباط شرطي بكراهية عصير البرتقان لأنه كان مؤشر على كل حاجة بكرهها .. الصحيان بدري والمدرسة والمريلة كمان، مش عارف ليه بيلبسونا حاجة شبه لبس سراية المجانين في سنين دراستنا الأولى، دي المفروض يلبسوها أهلنا انهم وفقوا يعملوا كده فينا انما احنا ذنبنا ايه.
المهم يا مولانا اني بقى عندي ميشن كل يوم ازاي أهرب من كوباية عصير البرتقان دي، مرة أدلقها في الحوض لو أمي مش واخدة بالها ومرة من البلكونة وأحيانا أخرى اخبيها تحت السفرة لحد ما أنزل بس كنت بتهزق في الحالة دي لما أروح.
ولما كنت أضطر أشربها كنت أجري وأنزل ١٠ دقايق بدري أعدي على حارس عمارتنا أقف على وابور الجاز بتاعه أتدفى.
عصير البرتقال – علشان اللغة العربية متزعلش – كان بيخليني بردان بطريقة لا يمكن تخيلها بتوصل لحد الرعشة أحيانا وكان الحل حضن وابور الجاز بصوته الرتيب اللي تحسه بيطبطب عليك وينيمك وحيرجعك لسريرك تاني.
بداية علاقتي مع عصير البرتقان كانت سنة ٧٨.
وانتهت نهائيا مع دخولي الإعدادية وتمردي في ٨٧ ، أنا تمردت لدرجة إني في ثانوي كنت باخد كيس ساندوتشات ومش باخد شنطة كتب، لكن ما علينا.
الشهر ده، في سنة ٢٠٢١ بقالي أكتر من ٢٠ يوم حريص إني أشتري برتقان بلدي وأعمل كل يوم كوباية عصير برتقان أشربها أول ما أصحى.
تخيل بعد ٣٤ سنة من علاقة غضبانة جدا بالعصير رجعت أعصر بنفسي وأشرب وأنا مستمتع جدا.
جايز لأني بحس فيه بريحة أمي اللي ماتت من سنتين، وجايز لأني تخلصت من كل الحاجات اللي بكرهها وارتبطت بيه شرطيا زي المدرسة والمريلة والصحيان بدري.
لكن الأهم إني فهمت إن في حاجات كتير قوي ممكن نظلمها في الحياة علشان الظروف اللي حواليها، وجايز لو شوفناها أو قابلناها أو اتعاملنا معاها في ظروف مختلفة حنحبها ومنظلمهاش.
علشان كده قررت أدي فرصة تانية لكل شيء في الحياة، لأن مع كل طلعة شمس جديد ويوم جديد احنا نفسنا بناخد فرصة جديدة.
شكرا لكوباية البرتقان
وشكرا يا أمي يا حبيبتي .. الله يرحمك